سورية عبر التاريخ
الموقع الجغرافي
تمتد سورية على الشاطئ الآسيوي الشرقي لبحر المتوسط بطول 180 كلم. ويحدها تركيا والعراق وفلسطين والأردن ولبنان وتبلغ مساحتها 185,000 كلم² وعدد سكانها 17 مليون نسمة (1999) وعاصمتها دمشق.
الطبيعة
تمتاز سورية بطبيعة متنوعة من شواطئ وجبال وغابات وهضاب ووديان وسهول خصبة وبادية.
المناخ
تتمتع سورية بمناخ متوسطي معتدل تتميز فيه الفصول الأربعة. ويبلغ معدل درجة الحرارة في الصيف 32 C° وفي الشتاء 10C° وفي الربيع والخريف 22C° .
* * *
لعبت سورية دوراً هاماً في تاريخ الإنسانية. على ثراها ولدت وتفاعلت أعظم المدنيات وأبدع الإنسان المنجزات التي لا تزال البشرية ترفل في نعمائها حتى اليوم وعلى أرضها اكتشف الإنسان أسرار الزراعة واستخراج المعادن وأبدع أول أبجدية. وفيها ازدهرت الأديان والفلسفة والتبادل التجاري وتطور النسيج العمراني والعلاقات الدبلوماسية والثقافة على مر الزمان. لذلك يقال بأن لكل إنسان مثقف وطنان: بلده وسورية.
* * *
سورية مهد الحضارات التي ازدهرت في خضم الغابر، حيث الأوابد والعمائر، شواهد على ما تركه الأقدمون من بصمات، ما زال القائم منها يروي أقاصيص الشعوب التي مرت عليها، قلاع شامخة الكبرياء فوق القمم، مدن مارت في التلال وفي السهوب، أمم تزاحمت في الصراع على أرضها ثم انهارت تحت ضربات أمم أخرى.
آثارها تروي حكايات الأولين وغابر أمجادهم وما تركوه من رقي وارتقاء.
تتميز سورية بموقعها الجغرافي شرقي البحر الأبيض المتوسط بين القارات الثلاث: آسيا وأوربا وأفريقيا حيث كانت ملتقى القوافل طريق الحرير القادمة من الشرق والغرب.
وقد توالت على أرضها حضارات متعددة منها ما ولدها شعبها ومنها ما وفدت واستقرت وذابت في هذا النسيج الفريد محققة أخصب تفاعل حضاري عرفته البشرية.
تعتبر سورية من أغنى بلاد الأرض بتنوع الحضارات والتاريخ: تعاقب على أرضها السومريون والعموريون والآكاديون والحثيون والفراعنة والحوريون والآشوريون والكنعانيون والفينيقيون والآراميون والفرس والإغريق والسلوقيون والبطالمة والرومان والعرب والأنباط والبيزنطيون والعرب الغساسنة، ثم كان الفتح العربي الإسلامي، والأمويون والعباسيون والطولونيون والإخشيديون والفاطميون، وتعرضت إلى حملات الفرنج المتعددة في العهود السلجوقية والأتابكية والنورية والأيوبية والمملوكية، كما تعرضت لغزوات المغول أو التتار، ثم تعرضت للانتداب الفرنسي، لكن الجلاء عنها كان خاتمة المطاف.
وبقيت سورية العربية قلعة للصمود وللتحدي، فتيّة أبيّة، غنية بالسحر والعراقة والأصالة والتقاليد.
* * *
دمشق من أعرق العواصم التي ما زالت قائمة كواحة خضراء، تفيء تحت وارف غوطتها الفيحاء، وترتوي من أمواه بردى نهرها المعطاء.
ودمشق مدينة العراقة والمعاصرة، والتاريخ والحداثة، تصدّت للغزاة الطامعين بكبرياء قاسيون الجبل، وصمدت أمام حملات الفرنج فلم يدخلوها أبداً، عايشت الحضارات التي مرت عليها وتعايشت معها وحفظت بصماتها وأوابدها دون أن تفقد شيئاً من خصائصها، تغنى بها الشعراء والأدباء والرحالة في الغابر والحاضر، ونعتها المؤرخون بجلّق والفيحاء والشام، ونسبوها إلى دِمْشاق بن كنعان، ودَمْشَق بن نمرود وغيرهما، كما أرجعوها إلى ما قبل إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأنجبت دمشق فلاسفة ومشاهير تركوا بصماتهم الحضارية في الإمبراطورية الرومانية، فالمعمار "آبولودور الدمشقي" بنى أول جسر على نهر الدانوب، وأقام عمود "تراجان" الشهير في روما. كما نشأ فيها من رجالات القانون "بابينانو Papinien" و"ألبيانو Ulpien".
ودمشق القديمة محاطة بسور وأبراج دفاعية، وبثمانية أبواب، ستة منها قديمة، واثنان إسلاميان، وتنتشر في ثنايا نسيجها العمراني أوابد تاريخية ومعالم آثارية يتوسطها الجامع الأموي بمآذنه الثلاث، وأعمدة معبد جوبيتر الدمشقي، وإلى الشمال منه ضريح صلاح الدين ومدارس العادلية والجقمقية (متحف الخط العربي) والظاهرية، وفي جنوبه قصر العظم وخان أسعد باشا وحمّام نور الدين.
وفي شرق المدينة كنيسة القديس حنانيا، وفي الجنوب الشرقي كنيسة القديس بولص عند الموضع الذي أُنزل فيه من أعلى السور فتمكّن من الوصول إلى أوربة ونشر المسيحية فيها، وفي شمال غرب المدينة القديمة وقرب مدخل سوق الحميدية قلعة دمشق الأيوبية الشهيرة. وتقوم التكية السليمانية وضمنها المتحف الحربي، والمتحف الوطني خارج السور من جهة الغرب، وفي أعلى جبل قاسيون مزار ومغارة الأربعين التي ركنت إليها (حواء) أم البشر بعد أن قتل فيها ابنها قابيل أخاه هابيل فكان أول ضحيّة في التاريخ.
وتتناثر ضمن أحيائها البيوتات التراثية والحمّامات والخانات والمدارس التاريخية من العهود الإسلامية المتلاحقة، إضافة إلى مقهى النوفرة الشعبي المشهور، كما تتوزع فيها المطاعم المقامة على النسق الدمشقي التراثي. وفي حي المدارس من صالحية دمشق تقوم التكية السليمية وجامع الشيخ محيي الدين بن عربي.
وفي المدينة الحديثة: مكتبة الأسد الوطنية، وبانوراما حرب تشرين، ونصب الجندي المجهول في جبل قاسيون، ودار الأوبرا، والمسرح القومي، ومراكز ثقافية، ومجمّعات رياضية.
عن (وزارة السياحة)، دمشق، 2008 م.